ساو باولو: مغامرةٌ شيّقةٌ في الطّرف الآخر من العالم

تعدّ البرازيل إحدى الدّول السّياحيّة الأولى في العالم، فهي أكبر دول أميركا الجنوبيّة مساحةً وسكاناً. وبلاد السّامبا والبنّ وجنون الكرة تتمتَّع بمناظرَ طبيعيّةٍ خلاّبةٍ كالجبال والأنهار والوديان والشّلاّلات المائيّة العذبة والغابات… ثرواتٌ طبيعيّةٌ تسحر العيون وتدعوك إلى زيارة بعض مدنها لاكتشافها عن قرب، على الرّغم من بُعد المسافة ومشقّة السّفر.
لا مجال للتّردّد في زيارة هذا البلد الجميل، بخاصّةٍ إن كانت الدّعوة موجَّهةً من الخطوط الجوّيّة القطريّة Qatar Airways التي أطلقت رحلاتٍ يوميّةً إلى أميركا اللاّتينيّة انطلاقاً من الدّوحة على متن طائرتها الـ “بوينغ 200-777”.
وأنا لبّيت دعوة زيارة أكبر مدينتَين في البرازيل: ساو باولو وريو دو جانيرو، فكانت رحلةً طويلةً وممتعة، سننقل وقائعها في حلقتَين، نبدأهما برحلتنا إلى ساو باولو.

الأفينيدا باوليستا، أهمّ الأماكن السياحية والثقافية في المدينة

ساو باولو… القلب النّابض
انطلقنا من مطار بيروت إلى مطار الدّوحة، حيث كانت بانتظارنا منسّقة الشّؤون الإعلاميّة في الشّركة، التي أمضت شهراً ونصف الشّهر منكبّةً على تحضير برنامج الرّحلة. وصلنا إلى الدّوحة بعد 3 ساعات، ومن هناك انضمّت إلينا وانطلقنا إلى الوجهة الثّانية، مطار غواروليوس الدّوليّ في ساو باولو الذي يبعد 11,874 كلم عن مكان وجودنا.
اختلفت الرّحلة عن سابقاتها، فحماس السّفر والمغامرة شابه بعض القلق والارتباك ممّا قد نواجهه في زيارتنا الأولى لبلدٍ من العالم الجديد. المسافة طويلة، نحاول النّوم والرّاحة قليلاً فتفاجئنا المطبّات الهوائيّة وتسرق النّوم من عيوننا. عبرنا فوق القارّة الأفريقيّة والمحيط الأطلسيّ؛ شاهدنا الفيلم تلو الآخر، نتسامر وندلّل أنفسنا بتناول الأطعمة اللّذيذة لإمضاء الوقت، ثمّ نتابع تفاصيل الرّحلة على الشّاشة أمامنا. وأخيراً… وصلنا بعد 14 ساعةً و 15 دقيقة!!!
الإجراءات في المطار كانت سريعةً وتعامل الموظّفٍين اتّسم بالرّقيّ والاحترام، فكانت بدايةً ممتازةً لرحلتنا الأولى إلى البرازيل. أطلّت ساندرا، دليلتنا السّياحيّة إلى ساو باولو، ترحّب بنا بابتسامةٍ عريضة، جاءت لاصطحابنا إلى الفندق. كان الطّقس ماطراً وزحمة السّير خانقةً ولكنّها مفيدةٌ لاكتشاف معالم المدينة: ناطحات سحابٍ بواجهاتٍ زجاجيّةٍ برّاقةٍ تنتشر على امتداد جانبَي جادّة باوليستا وتشهد على حيويّة المدينة وتراثها الفنّيّ الغنيّ، رسوم “غرافيتي” على الجدران، ودرّاجاتٌ ناريّةٌ كثيرةٌ تنافس السّيّارات… أخبرتنا أنّ ساو باولو وريو دو جنيرو هما أكثر مدن أميركا الجنوبية ازدحاماً بالسّكان، وأنَّ 7 ملايين لبنانيٍّ موجودون في البرازيل؛ مليونان منهم في ساو باولو.
تقع ساو باولو على بعد 100 ميلٍ من ريو دو جانيرو، وهي الأكثر ضخامة. أسّسها البرتغاليّون في العام 1554، وكانت مدّةً طويلةً مستوطنةً صغيرة الحجم وقليلة السّكان، كان لتطوّر زراعة قصب السّكر دورٌ في نموّها وجعلها مركزاً تجاريّاً. وبعد استقلال البلاد في العام 1822 نمت بخطواتٍ أسرع، لاسيّما منذ منتصف القرن 19 مع انتشار زراعة البنّ وتطوّرها في منطقتها، وتحوّلها إلى أكبر مركزٍلصناعة البنّ وتجارته في البرازيل والعالم.

متحف أبيرنجا Museu De Ipiranga

نكهة كوزموبوليتيّة
تنبسط ساو باولو فوق هضبةٍ طبيعيّةٍ خلاّبةٍ ليست بعيدةً عن شاطئ المحيط الهادئ الجنوبيّ، تعيش فيها أكثر من 11 مليون نسمةٍ وتغطّي مساحةً تزيد على 1,500 كم²، الأمر الذي يجعلها تفوق ثلاثة أضعاف مساحة مدينة باريس. المدينة فريدةٌ من نوعها كونها الأكبر في أميركا الجنوبيّة والعالم من حيث عدد السّكان وسرعة النّموّ، يطلق عليها أحياناً نيويورك أميركا الجنوبيّة، وذلك بسبب إيقاعها الاقتصاديّ السّريع وأهمّيّتها للأعمال والتّجارة. تعدّ المدينة بوتقةً حقيقيّةً لانصهار العديد من الجنسيّات التي أتت إليها من بلدانٍ مختلفة. يُطلق على سكانها اسم “الباوليستاس” وينتمي أكثرهم إلى أسلافٍ نزحوا من ألمانيا، وإيطاليا، واليابان، ولبنان، والبرتغال، وإسبانيا، وسورية، وبعضهم أيضاً ينتمي إلى أسلافٍ من الأفارقة أو الهنود الأميركيِّين. هذا الخليط السّكّانيّ يضفي على سان باولو نكهتها الكوزموبوليتيّة المتمثّلة بالمطاعم والملاهي ذات الأسماء الإيطاليّة واليابانية وغيرها، وقد تحوّلت المدينة إلى المركز الصّناعيّ والتّجاريّ الأوّل في أميركا اللاّتينيّة. يوجد في ساو باولو 3 مطارات؛ مطاران رئيسيّان بالقرب من المدينة: مطار غواروليوس الدّوليّ Sao Paulo-Guarulhos  (للرّحلات الدّاخليّة والدّوليّة)، ومطار كونجنهاس Congonhas (للرّحلات الدّاخلية والشّحن)، ومطار كامبو دي مارتيه للطّائرات الصّغيرة والخاصّة والعموديّة. في ساو باولو أيضاً 204 مستشفياتٍ حكوميّةٍ وخاصّة، و3,153 مدرسةً رسميّة، و3,885 مدرسةً خاصّة، و12,500 مطعم، و52 نوعاً مختلفاً من المأكولات، و15,000 بار، و160 مسرحاً، و260 صالة سينما، و110 متاحف، و40 مركزاً ثقافيّاً، و15,000 حانة، و67 حديقة، و59 شارعاً تجاريّاً. الرّيال هي العملة المعتمدة وكلّ دولارٍ يساوي نحو 1,7 ريال برازيليّ.
تحدّثنا على مدى ساعتَين إلى أن وصلنا أخيراً إلى الفندق الذي يقع على مقربةٍ من إستايدا أوكتافيو فرياس دي أوليفيرا بريدج ESTAIADA OCTAVIO FRIAS DE OLIVEIRA BRIDGE،  وهو من أهمّ المعالم السّياحيّة في المدينة، المتميّز بهندسته المعمارية الحديثة على شكل X، والذي يبلغ ارتفاعه 138 متراً.

متنزه ايبيرابويرا

مساحاتٌ خضراء خلاّبة
على الرّغم من خيبة الأمل التي شعرنا بها يوم وصولنا نتيجة رداءة الطّقس خوفاً من عدم القدرة على التّجوال في المدينة، إلاّ أنَّ اليوم التّالي حمل بشرى سارةً وكان مشمساً. إنّه اليوم الوحيد المخصّص لاكتشاف ساو باولو المتعدّدة المعالم.
توجّهنا إلى متنزه إيبيرابويرا Parque do Ibirapuera الذي يمتاز بحدائقه وبحيراته الجميلة. افتُتحت هذه الحديقة الكبيرة في العام 1954 بمناسبة الاحتفال بمرور 400 عامٍ على اكتشاف ساو باولو، صمّمها المهندس أوسكار نيمايرNiemeyer  Oscar مع رسّام المناظر الطّبيعية روبرتو بورل ماركس Roberto Burle Marx.تحتلّ الحديقة بجميع مبانيها الرّياضيّة المفتوحة والمغلقة و3 بركٍ اصطناعيّةٍ مساحة 157 ألف مترٍ مربّع، وتماثل في أهمّيّتها إلى ساو باولو أهمّيّة حديقة سنترال بارك في مدينة نيويورك. يضمّ المتنزه القبّة السّماويّة لمدينة ساو باولو، ومتحف الفنون المعاصرة، ومعرض بينالي ساو باولو للفنون الذي يُقام مرّةً كلّ سنتَين. يقصد المنتزه سكّان ساو باولو لممارسة رياضة المشي أو للاستمتاع بالقراءة في أحضان الطّبيعة.
عند مدخل المتنزه أذهلنا نصب بانديرانتيس العملاق الذي يخلّد ذكرى المستوطنين الأوائل الذين ساهموا في توسيع أميركا البرتغاليّة من جيوبٍ شاطئيّةٍ صغيرةٍ فقط، ليمتدَّ نفوذهم تقريباً على كامل المساحة التي تحتلّها البرازيل حاليّاً. ويقع إلى اليسار من هذا التّمثال، مبنى مجلس النّوَّاب ونصب أوبيليسكو دو ايبيرابويرا. تابعنا سيرنا، نتأمّل “الباوليستاس”، أي سكّان ساو باولو.

متحف ساو باولو الفني MASP في قلب المدينة الصاخبة

صبغةٌ ثقافيّةٌ وفنّيّة
الأفينيدا باوليستا Avenida Paulista، أهمّ شوارع ساو باولو، افتُتح في العام 1891، يبلغ طوله 2800 مترٍ وتتمركز فيه أغلب المكاتب الماليّة والمصرفيّة. يعدّ من أهمّ الأماكن السّياحيّة والثّقافيّة في المدينة، يقام فيه سنويّاً ماراثون ساو سيلفيستري للرّجال والنّساء.
تشمل متاحف ساو باولو معاهد الفنّ، والتّراث الشّعبيّ، والغابات، والتّاريخ. تشرف المدينة أيضاً على معرضٍ فنّيٍّ عالميٍّ يقام كلّ سنتَين منذ العام 1951، ويقدّم مسرح المدينة عروضاً من الباليه والأوبرا والحفلات الموسيقيّة والمسرحيّات.
انتقلنا إلى متحف ساو باولو الفنّيّ  MASP-SAO PAULO MUSEUM OF ART في شارع باوليستا، وهو أهمّ متحفٍ للفنّ في أميركا اللاّتينيّة، يحتوي على مجموعةٍ تاريخيّة وفنّيةٍ وتراثيّة، يضمّ حالياً نحو 8000 قطعة، معظمها أعمالٌ لأهمّ الرّسّامِين: رافاييل، وبوتيتشيلي، وتيتيان، وتينتوريتو، ومونيه، وفرانسوا كلوي، وسيزان، ورينوار ، وفان غوغ، وبيكاسّو ، وموديلياني، وماتيس، وشاغال، وماكس ارنست، وسلفادور دالي، وأندي وارهول، وأكبر الأسماء في الفنّ البرازيليّ.
الثّقافة والفنون تطغيان على المدينة: مكتبة بلديّة ساو باولو هي إحدى أكبر المكتبات في أميركا الجنوبيّة. يوجد أيضاً في المدينة نظامٌ دقيقٌ لمكتبات الأطفال، تضمّ جامعة ساو باولو 54,000 طالب، وهي أكبر جامعةٍ في البرازيل.
من أبرز معالم المدينة أيضاً بيانال دي ساو باولو الفنّيّ وهو معرضٌ يقام مرّةً كلّ سنتَين في المدينة، وساو باولو فاشن وييك، الّذي يُنظّم سنويّاً وتشارك فيه أشهر عارضات الموضة في العالم، وجي بي برازيل سباق سيّارات ألف ينظّم في حلقة إنتر لاغوس في المدينة، إضافةً إلى معرض السّيّارت ومعرض الجلود والملابس فرنكال ومعارضَ عالميّةٍ أخرى.

الملعب البلدي لـِ ساو باولو، في داخله متحف كرة القدم
داخل المتحف 1500 صورة تروي تاريخ كرة القدم

معبد آلهة كرة القدم Soccer Museum
لدى دخولك متحف كرة القدم، يخيّل إليك أنّك في قاعةٍ مليئةٍ بتماثيل الآلهة اليونانيّة. شاشاتٌ ضخمةٌ في غرفةٍ مظلمةٍ تُظهر أبرز لاعبي الكرة البرازيليِّين: رونالدو، وديدي، وفالكاو، وتوستاو، وجارينشا، والأكثر شهرةً بيليه، وكأنّهم موجودون أمامك.
يقع المتحف داخل الملعب البلديّ لسان باولو Estádio do Pacaembu الذي بُنِيَ في العام 1940 وهو يتَّسع لـ 37،952 ألف متفرِّج في قلب ساحة تشارلز ميلر، وهو الذي أدخل اللّعبة إلى البلاد في العام 1894. يوجد فيه 1500 صورةٍ تروي تاريخ كرة القدم منذ أكثر من 100 عام، بينها صورة ليونيداس دا سيلفا Silva Da Leonidas، هدّاف كأس العالم العام 1938 وهو يقبّل يد الأم تيريزا. هناك أفلامٌ مدّة عرضها 6 ساعات، تحتوي على لقطاتٍ لأشهر الأهداف منذ العام 1930، تارةً نشهد خسارة البرازيل على أرضها أمام الأوروغواي في نهائيّ كأس العالم لعام 1950 وحزن البرازيليِّين على هذه الخسارة الفادحة، وطوراً نسمع هتافات الاحتفال بضربة الجزاء التي أهدرها الإيطاليّ روبرتو باجيو في العام 1994 متوجّةً البرازيل بطلة للعالم. نرى في إحدى الزّوايا صندوقاً زجاجيّاً يحتوي على القميص الأصفر الذي ارتداه بيليه عندما سجَّل الهدف الأول في المباراة النّهائيّة لكأس العالم في العام 1970 في المكسيك. وفي الجناح الثّاني نماذجُ لأحذيةٍ وكراتٍ استخدمها اللاّعبون منذ العام 1914 في المباريات. إنَّ كرة القدم تجري في عروق البرازيليِّين. نحن أيضاً خضنا تجربة لاعبي كرة القدم، عن طريق شاشةٍ عكست ملعباً افتراضيّاً على الأرض، نحرِّك الكرة بتمرير قدمنا فوقها فقط، وعند تسجيل هدفٍ تُضاء الشّاشة بمظاهرَ احتفاليّة.

أحذية وكرات استخدمها اللاعبون البرازيليون
أمامَ نصب بانديرانتيس العملاق

مظاهر الثّراء… وفقراء
وإذ نحن نعشق التّسوُّق، لا بدّ لنا من زيارة شارع أوسكار فرير Freire Oscar الذي يضمّ مجموعةً متألّقةً من المطاعم، ومتاجر الأزياء، ومحالّ الجواهر، والمقاهي الأنيقة، والمعارض الفنّيّة، ويبيع الكثير من العلامات التّجاريّة البرازيليّة المميّزة التي لا تتوفّر إلاّ في هذه المدينة، بالإضافة إلى شارع بيلا سنترا Cintra Bela وأوغوستا Augusta. لا يُنصح بشراء العلامات التّجاريّة العالميّة لأنّ الضّرائب باهظةٌ على البضائع المستوردة، فهي مرتفعة الأسعار مقارنةً مع البلدان الأخرى. المحالّ التّجاريّة الواقعة في شارع أوسكار فرير والشّوارع المحيطة تشمل: لويس فويتون، وجورجيو أرماني، وأمبريو أرماني، وديور، ومون بلان، وكارتييه، وإرمنيجيلدو زينيا، وكافالي، وبولغاري، ولاكوست وهافايانا، والحذاء ذا الأصبع والرّائج جداً في البرازيل، حيث إنّهُ طُوِّر وزُيّن بالأحجار الكريمة فأصبح باهظ الثّمن ويرضي أذواق الميسورين أيضاً.
أثناء تجوالنا في ساو باولو، لاحظنا وجود عددٍ كبيرٍ من عيادات الجراحات التّجميليّة في “برازيل أفيندا”، قرب “ليبانو (لبنان) أفيندا”، تسمح لزبائنها أمثال اللّبنانيِّين  بالحصول على قرضٍ مصرفيٍّ للاستفادة من خدماتها.
ويُعدّ الفقر من المشاكل الخطرة في ساو باولو على الرّغم من ثراء المدينة، فالدّخل الشّهريّ لنصف العائلات في المدينة أقلّ من 150 دولاراً أميركيّاً. يسكن كثيرٌ من هذه العائلات في أحياءٍ فقيرةٍ تُعرف باسم كورتيكوس، ويتكوّن كلٌّ منها من عددٍ من الأكواخ يلتصق بعضها ببعض. ثمّة مليونٌ و100 ألف شخصٍ يعيشون في 2018 “فافيلا” رسميّة، أي مدينة أكواخٍ مصنوعةٍ من الكرتون وأسلاك التّوضيب. أدّت الهجرة الكبيرة إلى المدينة إلى تفاقم مشكلة الفقر، فكثيرٌ من المهاجرين إلى ساو باولو يفتقرون إلى مهاراتٍ عمليّة، وكثيرٌ منهم لا يجدون عملاً هناك. وقد أحرزت المدينة بعض التّقدم في إيجاد العمل والتّدريب والمساكن الرّخيصة المناسبة لهؤلاء المهاجرين.

السّاعات الأخيرة في ساو باولو
البرازيل مشهورةٌ بالأحجار النّصف كريمة Stones Semi-Precious Mineral، فقد قصدنا أحد المحالّ التّجاريّة الكبيرة في ساو باولو في جادّةDr. Abrahao Ribeiro  Av. لشراء التّذكارات؛ احفظوا العنوان جيّداً، إنّه أفضل المتاجر ويحتوي على آلاف الأحجار المميّزة بألوانها وأشكالها، يتراوح سعرها بين المقبول والباهظ.

استاديو دو مورونبي Estadio Do Morumbi

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى